التوتر في حدودها الجنوبية يثير قلق الجزائر ويضاعف مخاوفها من إمكانية استفادة المغرب من ما ستؤل إليه الأوضاع

 التوتر في حدودها الجنوبية يثير قلق الجزائر ويضاعف مخاوفها من إمكانية استفادة المغرب من ما ستؤل إليه الأوضاع
الصحيفة – محمد سعيد أرباط
الثلاثاء 13 فبراير 2024 - 12:00

صار التوتر المتصاعد في شمال مالي على الحدود الجزائرية الجنوبية، مبعث قلق كبير لأصحاب القرار في قصر المرادية، في الفترة الأخيرة، خاصة بعد تحرك الجيش المالي وسيطرته على عدد من المدن الشمالية التي كانت في وقت سابق تخضع للحركات المسلحة الأزوداية، مما يُهدد بتفجر الأوضاع في أي وقت.

وما يزيد من قلق الجزائر هو دخول أطراف أخرى في الصراع في مالي، ومن أبرز هذه الأطراف، مقاتلو مجموعة "فاغنر" الروسية، وهي المجموعة التي تدعم الجيش المالي في تدخلاته في الشمال، وترفض الجزائر بشدة تواجدها في المنطقة، وقد أعربت عن قلقها بهذا الشأن لموسكو.

ووفق ما أوردته تقارير إعلامية دولية، فإن الأمين العام لوزارة الخارجية الجزائرية، لوناس مقرمان، أفصح عن قلق بلاده في لقاء له مع نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، يوم الجمعة الماضي، مما يجري في منطقة الساحل، وقد أكد المسؤول الجزائري لنظيره الروسي، أن اندلاع المواجهات يهدد المصالح الجزائرية ويُهدد الاستقرار.

وحسب العديد من التقارير الإعلامية، فإن توتر الأوضاع في مالي لا يبدو مستبعدا، بل هو الأقرب إلى الحدوث، خاصة بعدما أعلن المجلس العسكري الحاكم في مالي إنهاء العمل باتفاق السلم والمصالحة الذي تم توقيعه تحت الوساطة الجزائرية والدولية مع الجماعات المسلحة في شمال مالي في سنة 2015، ما يعني أن الجيش عازم على الدخول في مواجهات مع الجماعات المسلحة من أجل تطويعها وإعادة مناطق شمال البلاد تحت السيطرة الكاملة لبماكو.

وتخشى الجزائر من هذا السيناريو، حيث أن اندلاع المواجهات يُهدد استقرار المناطق الجنوبية للجزائر، إذ يُتوقع أن تؤدي الاضطرابات إلى دخول العديد من المسلحين إلى التراب الجزائري للفرار من هجمات الجيش، كما أن ذلك قد يُؤدي أيضا إلى تزايد هجرات الأشخاص نحو التراب الجزائري هربا من المواجهات، مما سيكون له تداعيات سلبية على حدود الجزائر.

كما أن هذه التطورات قد تؤول في حالة نجاح الجيش في إنهاء جميع محاولات التمرد المسلحة، إلى سحب البساط من الجزائر في المنطقة، خاصة أن النظام العسكري الحاكم حاليا في مالي، كان قد وجه العديد من الاتهامات للجزائر بأنها تتدخل في الشؤون الداخلية لبماكو، وبالتالي إذا استتب الوضع لصالح النظام العسكري فإن السياسة الخارجية لمالي ستشهد تحولات قد لا تكون في صالح جيرانها في الشمال.

ويضاعف هذا السيناريو مخاوف الجزائر أكثر، خاصة في ظل صراعها السياسسي والدبلوماسي مع المغرب للحصول على النفوذ في إفريقيا، إذ لا يُستبعد أن تتجه مالي إلى المغرب لتوطيد العلاقات، خاصة أن مالي أشادت بمبادرة الرباط لتوفير منفذ أطلسي لدول منطقة الساحل لإنعاش اقتصادها، وهي المبادرة التي كان قد أعلن عنها الملك محمد السادس في إحدى خطاباته السابقة.

وفي هذا السياق، كان تقرير استخباراتي جزائري قد وجّه تحذيرات لأصحاب القرار في الجزائر من المشروع المغربي الذي يهدف إلى ربط دول الساحل بالمحيط الأطلسي، إضافة إلى التقارب الحاصل بين المغرب ومالي في الفترة الأخيرة، مشيرا إلى أن ذلك يهدد مصالح الجزائر في دول المنطقة.

وحسب ما نشره موقع "مغرب انتيلجنس" الناشر بالفرنسية، فإن المخابرات الجزائرية قدمت تقريرا أمنيا مطولا لهيئة أركان الدفاع الجزائرية التي يقودها السعيد شنقريحة، وإلى مكتب رئاسة الجمهورية، يحذر فيه القادة الجزائريين من العواقب "غير المرغوب" فيها من التقارب المغربي والمالي، ومشروع المنفذ الأطلسي.

ووفق نفس المصدر، فإن مشروع ربط دول الساحل على المحيط الأطلسي الذي عرضه المغرب على أربعة من دول الساحل، وهي بوركينا فاسو ومالي والنيجر والتشاد، يُشكل "تهديدا كبيرا" لمصالح الجزائر و"عاملا حاسما" سيسرع من عزلة الجزائر في منطقة الساحل، حيث سيُعطي للمغرب فرصة للتموقع في المنطقة ويُصبح لاعبا مؤثرا في جوار الجزائر، خاصة في النيجر ومالي.

وأضاف موقع "مغرب انتليجنس"، أن التقرير الاستخباراتي الجزائر دعا القادة الجزائريين إلى ضرورة إيجاد حلول سريعة وفعالة لوقف هذا الأمر، عن طريق التغلب على التوترات التي قد تعرقل العلاقات بين الجزائر ومالي والنيجر، خاصة أن الفشل في ذلك سيجعل الجزائر تواجه تحديات جديدة.

وفي هذا السياق، أشار التقرير الاستخباراتي حسب الموقع المذكور، أن تعزيز نفوذ المغرب في مالي والنيجر، أو تطوير نفوذ مغربي قوي في منطقة الساحل، سيؤدي إلى إلحاق أضرار كبيرة بالجزائر، حيث ستضطر هذه الأخيرة إلى إدارة وتحمل المسؤولية وحدها في السيطرة على الجماعات المسلحة المتمردة من الطوارق، والتي لن تتمكن من منافسة دول مالي والنيجر عسكريًا بفضل الإيرادات الاقتصادية المحتملة التي ستجنيها من خلال التعاون الاقتصادي مع المغرب، دون نسيان الدعم العسكري المتزايد من روسيا.

ويقترح التقرير الأمني الاستخباراتي الجزائري، حسب نفس المصدر الإعلامي، إلى ضرورة قيام الجزائر إيجاد بديل لمشروع المغرب من أجل استعادة نفوذه على النخب الحاكمة في مالي والنيجر. ولتحقيق ذلك، يجب وضع خطط عمل في أقرب وقت ممكن.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

غصّة بنكيران

لا يُفوت رئيس الحكومة الأسبق، والأمين العام لحزب "العدالة والتنمية" الحالي، عبد الإله بنكيران، فرصة إلاّ ويرمي بكل التعب النفسي الذي مازال يحمله في دواخله منذ "البلوكاج الحكومي" الذي تلا ...

استطلاع رأي

من تُرشح ليكون أفضل لاعب مغاربي لسنة 2024؟

Loading...